لا وقت للنوم
د. كمال خلف الطويل
ما بين مساء الثلاثاء ٣ نيسان ومساء السبت ٧ نيسان جرت مياه كثيرة تحت الجسور:
خناقة
مزلزلة بين الرئيس وبين جنرالاته ؛ هو يطلب ترتيب الانسحاب من سوريا في غضون أسابيع
وهم يرفضون ويتعللون بالحاجة الى عامين … ثم يقبل على مضض بتسوية يجري الانسحاب
بمقتضاها قبل نوفمبر ، ورافضاً مسبقاً أية أعذار معيقة ،، هذا مساء الثلاثاء
ثم ، ومباشرة قبل الإعلان عن الاتفاق النهائي بين جإ وبين الضباط الروس ليل
السبت-الأحد ، وقعت واقعة دوما ؛ لنفيق الأحد على الرئيس - طرنيب - وهو يقفز على
الواقعة بهمة الذي وجد فيها ضالّة تخرجه من خانوق التواطؤ مع بوتين ، الذي أطبقت به
دولة الامن القومي على عنقه ، فأرغى وأزبد - وكأن لحسة سارين قد مسته - وفي باله:
سأحاصر حصاري وأجيب الدولة بما تريده وأكثر ، وبذا أتحلل من تهمة التواطؤ ، وأبدو
طرزاناً مهيباً ، وأسدد - في خضم ذلك - ضربة مميتة للخصوم يضيع مفعولها وسط غبار
المعركة (إقالة مولر وروزنستاين) … ثم أعود لأصل الأشياء: أما وقد برهنت على قوتي
وقوة بلادي فقراري بالانسحاب ناجز وأقرب مما كان
ردت الدولة بتصعيد الخانوق جنائياً بهدف ان ينضبط وفق خطة الاشتباك “ومابعده” ، لا
يحيد عنها قيد أنملة … مساء الاثنين وصباح الثلاثاء دارت المفاوضات بين الجانبين ،
سيما والحاجة لتحشيد جهد قتالي مؤثر تتطلب بعض الوقت على كل حال ; لكون المنصات
المتاحة للهجوم أقل من المعتاد ، سواء أمريكياً ام فرنسياً ام حتى بريطانياً
والحال ان كلاهما: الترامبية والدولة ، تواجه معضلة الفارق المتسع بين الرغبة
والقدرة ؛ ما كان محتملاً ما بين أيلول ٢٠١٣ وايلول ٢٠١٥
من إسقاط للنظام بفعل تدخل عسكري أمريكي
مباشر ، صار فعل ماضٍ منذ ١ اكتوبر ٢٠١٥ … وبرغم ذلك فقد ثابرت واشنجتن على محاولة
الحد من خسارتها ، بل وتحسين شروطها ، مع اكتشافها ل"وحش" الكردي في خريف ٢٠١٤ ،
ووضع اليد - بواسطة طيرانها وبواسطته - على الشرق السوري ، موطأً لحصة مؤثرة في
المركز: دمشق ، عبر قادم تسوية ؛ ولكن على حساب خسرانها لتركيا حليفاً … على
الطريقة الديغولية
الآن ، العمل العسكري الذي يجري عليه التوافق سيشبه أكثر ما يشبه عملية "ثعلب
الصحراء" - ديسمبر ١٩٩٨ ، مستهدفاً قواعد سورية-إيرانية ، وبضمنها مراكز قيادة
وسيطرة ، وسيحاول تفادي الارتطام المباشر بالروس
عملياً ، ما سيجري اقرب الى تظهير قوة ، تعزز
مفعول السيطرة على الشرق وبعض الجنوب ، منه الى مغيّر موازين استراتيجية
فاعل